الخميس، 5 يوليو 2012

نهج المغضوب عليهم


من أبرز خصائص هذا النهج: محاولة إلزام الإله وتقييده بتصوراتهم وتشبيهه بخلقه، الزعم بأن الإله خاص بهم وأن عمله هو قضاء مصالحهم والسهر علي راحتهم وتنفيذ مطالبهم وتسخير الأمم لهم، شدة الاهتمام بالأمور الحرفية الفرعية والجزئية على حساب الأمور الأصلية والكلية والجوهرية، نشوء طبقة كهنوتية تحتكر لنفسها كل ما يتعلق بالدين وتتأكَّل به، هوان شأن القوانين والسنن لديهم، إهمال شأن الحكم والمقاصد من الأوامر الشرعية.
إن المغضوب عليهم يتوهمون أنهم يدافعون عن الدين بمهاجمة كل ما هو جوهري وأصيل ونبيل في هذا الدين، فهم يتوهمون أنهم يدافعون عن العقيدة الصحيحة في الإله بإنزاله إلى مستوى تصوراتهم ومحاولة إلزامه بأهوائهم، ويتوهمون أنه يمكن التقرب إليه بالإلحاد في أسمائه وعدم النظر في آياته وآلائه وبإلزامه أن يكون كما يتصورون وألا يفعل إلا ما يريدون، فهم يتصورون أنهم قد استأثروا به وفازوا بجنات النعيم لمجرد أنهم ولدوا مسلمين وأن عليه هو أن يُخضع لهم سائر العالمين وأن يُمزق لهم شمل أعدائهم حتى يستمتعوا هم بنسائهم، وفى حين أنهم لا يبذلون جهدا يذكر لأداء الرسالة المنوطة بهم فإنهم يحولون بين الناس وبين ربهم بتقديمهم للعالمين أسوأ صورة للإسلام والمسلمين فأصبحوا بذلك فتنة للقوم الظالمين، وهم يظنون أنهم المتمسكون بالكتاب وهم يعملون سيف النسخ في آياته ويقدمون عليه روايات ظنية ويلزمونه بها ويحوجونه إليها ويجعلونها قاضية عليه، وهم يتصورون أنهم يدافعون عن سنة الرسول بالتهوين من شأنه وبالتطاول على أهل بيته والسابقين الأولين لحساب من هم دونهم من المنقلبين والمبدلين والمنافقين، وهم يظنون أنهم يدافعون عن صحيح الدين بالتمسك بضلالات المبطلين وأساطير الأولين وبإهمال ما أمر الكتاب به من النظر في الآيات وتدبر السنن والقوانين، وهم يحسبون أنهم يدافعون عن وحدة المسلمين بإلزام الناس بالخضوع للظلمة والطغاة والفاجرين والدفاع عما أتوا به من الإفك المبين، وهم يزعمون أنهم عباد الرحمن بالتمسك بكل ما يؤدى إلي إهمال ملكات الإنسان وإنزاله إلي ما دون مرتبة الأنعام، وهم يريدون منه سبحانه أن يسوق إليهم النصر علي أعدائهم وهم مستلقون علي أقفيتهم، ويظنون أن كل المطلوب منهم هو التفنن في الدعاء علي أعدائهم وفي اقتراح العقوبات اللازم إنزالها بهم، وهم يريدون أن يمارسوا الدين ولكن علي حساب غيرهم، وهم يتوهمون أن القوانين والسنن يمكن أن تكون وفق أهوائهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق