بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تبدأ هذه الرسالة التامة إلى الناس كافة من رب العالمين، وبها
يبدأ هذا الكتاب الملزم للناس أجمعين، وهذه الآية الجليلة هي بمثابة التوقيع
الإلهي الذي يؤكد أن هذا الكتاب منزل من عند رب العالمين، وهذه الآية هي أيضا بمثابة
السياج أو السور الذي يحفظ النص المقدس من التبديل أو التغيير أو التحريف أو التزوير
أو الإضافة أو الحذف.
وبِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قد بدأ هذا الكتاب وبدأ أيضا هذا العالم الذي يحيا فيه
الإنسان، وكون هذا العالم هو مجال فعل الاسم الإلهي العظيم "الرَّحْمـنِ
الرَّحِيمِ" يتضمن بشرى مؤكدة، فالاسم الرحمن له أصلاً كل الأسماء الحسنى بما
فيها الاسم الرحيم الذي يتضمن سمة الرحمة الخالصة، لذلك فالسمة العظمى التي يشير
إليها الاسم الرَّحْمـن الرَّحِيم تُفصَّل إلى سمات يغلب عليها جانب الرحمة، ولذلك
تم التأكيد مراراً وتكراراً في القرآن على أن سمة الرسالة العظمى هي الرحمة، قال
تعالى: {أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا
أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ
يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ
يَصْدِفُونَ}الأنعام157، {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى
عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}الأعراف52، {وَإِذَا لَمْ
تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا
يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف203، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم
مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِّلْمُؤْمِنِينَ}يونس57، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي
الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ
يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ}يوسف111، {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ
لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ}النحل64، {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ
أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى
لِلْمُسْلِمِينَ }النحل89، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء
وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً
}الإسراء82، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107، {إِنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ{76} وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{77} النمل، {وَمَا
كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ
فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ }القصص86، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا
أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }العنكبوت51، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ{2} هُدًى
وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ{3} لقمان، {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا
مُرْسِلِينَ{5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{6}
الدخان، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا
تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{18} إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ
مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ
وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ{19} هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ{20} الجاثية.
لكل ذلك كان من
سمات دين الحق الماثل في القرآن الكريم أنه لا حرج فيه وأنه لا إصر ولا أغلال فيه
وأنه لا يسمح لأحد بالاتجار به ولا بالتكسب به ولا بالعلوِّ على الناس باسمه ولا
يسمح لأحد باستعباد الناس ولا باستغلالهم لتحقيق مآربه الخاصة.
كما أنه الدين
الذي يتسم معتنقوه بالرحمة تجاه كل البشر وتجاه كل الكائنات الأخرى، فهو الدين
الذي يأبى القسوة والغلظة والفظاظة وسوء الخلق والوحشية.
والمطلوب من
المسلم أن يجاهد نفسه وأن يتغلب على كل نوازع الشر والبغضاء والكراهية والشنآن
الكامنة في نفسه، وأن يعمل على تطهير قلبه وعلى أن يتحلى بصفة الرحمة تجاه كل
الكائنات، ولكي يتحقق له ذلك ينبغي أن يذكر وأن يتذكَّر وأن يستحضر أسماء منظومة
الرحمة الإلهية، وهي كل الأسماء الحسنى المذكورة في القرآن والتي تشير إلى سمة
الرحمة وهي: الرَّحِيمِ،
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، الرَؤُوف الرَّحِيم، الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ، الرَحِيمٌ الوَدُود، الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، الرَّحِيمُ الْغَفُورُ، الْبَرُّ
الرَّحِيمُ.
كما أن عليه أن
يردد سراً وجهراً الآيات القرآنية التي وردت فيها هذه الأسماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق