الجمعة، 20 مايو 2011

7 الإيمان بالغيب الوارد في الكتاب العزيز وعلى رأس ذلك الإيمان باليوم الآخر وملائكة الله وكتبه ورسله

هذا الركن يقتضي الإيمان بالغيب الوارد في الكتاب العزيز وعلى رأس ذلك الإيمان باليوم الآخر وملائكة الله وكتبه ورسله، فيجب الإيمان بكل ما ورد في القرآن عن عناصر الإيمان المذكورة.
إنه يجب الإيمان بالغيب المنصوص عليه في القرآن الكريم، فالقرآن الكريم هو المصدر الأوحد لكل ما يجب الإيمان به من أمور الغيب، والغيب يتضمن كل المعلومات والأمور التي لا يستطيع الإنسان تحت الظروف العادية إدراكها بحواسه الظاهرة المعلومة، والإنسان مأمور باتخاذ القرآن كمصدر أوحد لكافة أمور عالم الغيب التي يجب الإيمان بها.
------------
إن الإيمان مجاله الغيب، والغيب المقصود هو جماع المعلومات التي ذكرها الكتاب والتي لا يدركها الإنسان عادة بحواسه الظاهرة والتي قد تكون فوق ما ألفه الإنسان من كيانات ومفاهيم وتصورات، فالإيمان هو الإقرار بصحة هذا الغيب وحقانيته وصدقه، والإيمان محله الكيان الإنساني الجوهري الذي هو القلب، وهو يقتضى العمل، وكل عمل صدر بمقتضى الإيمان هو عمل صالح، وهو يدخل مع الإيمان في حلقة تغذية موجبة، فآثار العمل الصالح تؤدي إلى تقوية الإيمان وزيادته، والإيمان الأقوى يؤدي إلى تحسين وزيادة العمل الصالح كماً وكيفاً، وهذا مما يزيد من قوة ورقي آثار هذا العمل...وهكذا.
------------
والحد الأدنى اللازم للوفاء بهذا الركن هو الإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله واليوم الآخر، أما أدنى حد ممكن فهو الإيمان باليوم الآخر أي بحتمية البعث والحساب، وهو العلامة المميزة للأديان والتي تتضمن أن الإنسان ليس فقط هذا الجسد الظاهر بل لابد له من حقيقة جوهرية باطنة، فهذا الإيمان هو في الحقيقة إيمان ببقاء الكيان الجوهري للإنسان وبحتمية تحقق الفصل النهائي بين الناس وتحقق العدل.
------------
إن كتاب الله يقدم للإنسان معلومات عن عالم الغيب يجب عليه إن كان يريد التحقق بمراتب الإيمان والتقوى أن يؤمن بها، ولقد بين له أن كل ما يراه من ظواهر هو مصدق لتلك المعلومات لو أعمل فيها ما لديه من ملكات، ومما لا شك فيه أن ما يؤمن به الإنسان خاضع لإرادته ومقتضيات طبيعته، وهو يستحث في قلبه الإيمان بما يرى أن فيه تحقيق نفعٍ ما له، ويزداد يقينه بما آمن به بقدر نجاحه في تحقيق منافعه، وهو لا يضطر عادة إلي مراجعة نفسه إلا بتأثير الإحباط عند الفشل.
------------
إنه لا يجوز للإنسان أن ينكر أمراً غيبياً محتملاً دون توفر برهان ساطع أو سلطان مبين، ولو بدأ الإنسان مسيرته الحضارية بإنكار كل الأمور الغيبية لما ترك الغابة، فالإيمان الإيجابي بالغيب هو من حوافز وعوامل التقدم، وكان من أكبر تلك الأمور الغيبية الإيمان بإله خالق له الهيمنة على الأمور الكونية وهو أيضاً الملجأ والملاذ، ولقد تصور كل قوم هذا الإله وفق أحوالهم وظروف حياتهم وبيئتهم، وحيث أنه ليس لدى الإنسان من برهان قطعي ينفي وجود إله لهذا الكون فإن من الأفضل له أن يرجح وجوده، وحيث أن ثمة من زعم على مدى التاريخ أنه تلقى رسائل من هذا الإله فعلى الإنسان أن يحكم على تلك الرسالة طبقاً لما تتضمنه وليس طبقاً لما تزعمه كل طائفة لرسولها، وإذا ما سلم الإنسان بإمكانية الرسالة فليس من حقه أن يزعم أن رسوله هو الرسول الوحيد، فمن المنطق ألا يكون ثمة تفرقة بين الرسل، ولقد جعل الإسلام هذا الأمر المنطقي أمراً شرعياً وركناً من أركان الإيمان.
------------
إن أهم الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها اليوم الآخر وملائكة الله وكتبه ورسله، والعلوم الطبيعية هي التي قدمت للناس البراهين علي حتمية فناء الأرض والكون المادي فهي تساعد الناس علي الإيمان بالأمور الغيبية الأخرى مثل التفاصيل الواردة عن الجنة والنار وتسجيل الأعمال وتأثيرها علي كيان الإنسان وإمكانية وجود أكوان ذات طبيعة مغايرة لما يألفه الإنسان.
------------
الإيمان بالملائكة يتضمن الإيمان بهم أي بما أورده القرآن عنهم، فيؤمن المسلم بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ووصفهم بأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون وأن منهم من يعمل لصالح الإنسان بصفة عامة والمؤمنين بصفة خاصة، وهذا الإيمان يفتح للإنسان باب السمو الروحاني والوجداني ويؤهله للعيش السعيد في الآخرة، والملائكة أصناف كثيرة، منهم الموكلون بحمل العرش، ومنهم الصافات والزاجرات والمرسلات ومنهم خزنة الجنة والنار، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد.
------------
يجب الإيمان إجمالاً بأن الله سبحانه قد أنزل كتباً على أنبيائه ورسله لبيان حقه والدعوة إليه وإعلامهم بمراده منهم، وقد ذكر بعضها في القرآن وأثني عليها، وهذا الإيمان هو فرع من الإيمان بالله الذي له الأسماء الحسنى والسمات والأفعال والشئون المذكورة في القرآن ومنها أنه لم يترك الإنسان سدى وأن من سماته الرحمة والرأفة والهدى، والقرآن الكريم هو أفضل الكتب وخاتمها وله الهيمنة عليها، وهو المصدق لها، أي المصدق لما أنزل منها بالفعل وليس الذي هو لديهم الآن، فمنه يجب أن يتبين لهم ما نزِّل علي أنبيائهم، وهو الذي يغني عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق