الجمعة، 29 يونيو 2012

المصطلحات القرآنية (الشرعية الدينية)


المصطلحات القرآنية (الشرعية الدينية)
إن كتاب الله هو المرجع الأوحد للمصطلحات الشرعية الدينية، فلا يحق لأحد إحداث أي مصطلح ديني، فمن فعل فقد اقترف أمراً من المحدثات المنهي عنها وسيتحمل وزر نفسه ووزر من تسبب في إضلالهم بفعله، وكون القرآن هو المرجع الوحيد للمصطلحات الدينية لا يتعارض مع جواز استعمال مصطلحات جامعة مركزة قد لا تكون قد وردت فيه ولكن ورد فيه مضمونها ومعناها ومقتضياتها، وعلى سبيل المثال فكلمة (ركن) يمكن استعمالها للدلالة علي أمر ديني مشدد ملزم علي سبيل الاختصار، وكلمة (خاصية دينية) يمكن استعمالها للدلالة علي الوصف أو السمة الخاصة بالدين مثل عالميته، وكلمة (العالمية) نفسها هي المرادف المختصر لكون الإسلام هو للناس كافة وليس لطائفة خاصة، وكلمة (المقصد) هي المرادف للحكمة أو الغاية من الأمر الشرعي، ومصطلح (مقصد عظيم) يمكن استخدامه للدلالة على مجموعة من المقاصد الجزئية التي ترتبط مع بعضها البعض بعلاقة ما، ويجوز هنا بل يجب إعمال الملكات لتدبر القرآن طبقاً للأمر القرآني، فالمصطلح يجوز استخدامه للدلالة علي مجموعة من الأمور القرآنية بطريقة مركزة أو أن يكون مرادفاً لها، ولكن لا يجوز أن يلزم المصطلح الناس بأمور لا أصل لها في القرآن أو تتعارض مع ما ورد فيه كما لا يجوز إكساب مصطلح قرآني معاني لا أصل لها في القرآن، وعلي سبيل المثال فمصطلح (الصحابي) لا أصل له في القرآن ومضمونه يتعارض مع ما ورد فيه تعارضاً بيِّنـا وهو يلزم الناس بما لا أصل له في القرآن وما يتعارض مع ما ورد فيه.
أما مصطلح (المشركون) فإذا كان المراد به طائفة خاصة فهم العرب والأعراب الذين كانوا معاصرين للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يتبعوه بل ناصبوه العداء وشنوا عليه حرباً شعواء، وأولئك يحرم الزواج منهم أو موالاتهم، وينطبق هذا الحكم أيضاً علي المشركين أو الدول التي تتبني الشرك ديناً ومذهباً إذا كانت تضطهد المسلمين أو تشن حرباً دينية عليهم، وتأتي الكلمة أيضا للدلالة علي من اتصف بصفة الشرك من سائر الناس، ولقد نص الكتاب علي أنه ما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، فلا يتطهر كلية من الشرك إلا الندر من عباد الله المخلصين، وهذا يعني أنه لا يجوز إخراج مسلم من الملة مهما ظهر عليه من علامات الشرك ما لم يعلن هو ذلك على رؤوس الأشهاد.
أما مصطلح (الذين آمنوا) أو (المؤمنون) فهم الذين آمنوا بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما جاء به واتبعوه، وهم من بعد كل من اتخذ الإسلام ديناً وآمن بما تضمنه، وهذا المصطلح يشير أيضاً إلي الأمة التي يجب أن يبنيها وأن ينتمي إليها المسلمون.
أما مصطلح (الكفار) فهم الذين رفضوا وجحدوا رسالة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يأتي أيضاً للدلالة علي من جحد حقيقة من الحقائق وأنكرها أو عمل على إخفائها، ولذلك تتفاوت مراتب الكفر، وليس كل كفر بمخرج من الملة.
ومصطلح (أهل الكتاب) يطلق علي اليهود والنصارى والصابئين، ورغم أن الكفر والشرك كصفات تنطبق عليهم لأنهم أشركوا بالله سبحانه وكفروا بالرسول الخاتم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنها تنطبق أيضاً علي كثير من المحسوبين علي الإسلام، فلا يخلو مذهب من المذاهب التي نتجت عن تفريق الدين من كفر أو شرك، ولا يجوز لأتباع مذهب إسلامي أن يرفضوا الزواج منهم أو من أتباع مذهب إسلامي آخر بحجة أنهم مشركون أو كافرون، فالمعول عليه في التحليل والتحريم هو الأوامر الشرعية، ولقد ورد نص صريح في الكتاب يبيح الزواج منهم وتناول طعامهم.
أما الفعل (فرض) يعني حدد وعين وانتوي، لذلك فرضت سورة النور لأنها تتضمن بيان الحدود والأوامر والتعليمات، فكلمة فريضة ليست مرادفة لكلمة ركن أو شعيرة.
ولا يجوز أن يقال معجزات الرسل  ولكن يقال الآيات والبينات التي أوتيها الرسل.
والسلطان في القرآن هو العلم اليقيني الذي يتضمن بينات وحججا بالغة وبراهين ساطعة وقدرة وتمكن، لذلك فمن يخالف قانونا ما بطريقة بينة فإنه يجعل علي نفسه سلطانا لولي الأمر، ومن يخالف أمرا شرعيا فإنه يجعل لربه عليه سلطانا فله عندها أن يعاقبه، بمعنى أنه سيترتب علي المخالفة أثر يلحق بالكيان الإنساني المخالف، ذلك لأن الله تعالي يعامل الناس وفق نسق القوانين والسنن الذي نبأهم به، والسلطان علي الناس إنما يكون لمن له ولاية أمر شرعية عليهم، فهو ليس لمتسلط علي الناس بالباطل ودون سند شرعي.
إن المصطلحات الشرعية الحديث وأحسن الحديث وأحسن القول وما أنزل الله وأحسن ما أنزل الله تعني كلها القرآن الكريم.
أما مصطلح (السنة) فهو بالأصالة مصطلح قرآني وله مضمونه ومعانيه القرآنية، فالسنة بالأصالة هي سنة الله تعالى ولكنه ينسبها أحياناً لمن أرسل بها وأظهرها وبينها أو كان مجالاً لهذا الظهور، وتلك السنة نوعان:
1-       سنة اقتضتها كل منظومة الأسماء الحسني، فهي جماع القوانين والسنن الكونية التي لا تبديل لها ولا تحويل، ومنها القوانين الطبيعية والقوانين الحاكمة علي الشعوب والأمم.
2-       سنة اقتضتها منظومة الرحمة والهدي والتشريع، وهي جماع الأوامر الشرعية وما تستلزمه من المناهج والأنماط السلوكية التي يجب أن يعمل بمقتضاها من أراد السعادة والكمال في الدنيا والآخرة.
والقرآن الكريم هو المصدر الأوحد للسنن الكبرى، وهو المصدر الرئيس للسنن الثانوية من النوع الثاني، ومن المصادر الأخرى ما تواتر عن الرسول من كيفيات أداء الشعائر ودوَّنه أئمة (الفقه) وما أمكن اندراجه في الإطار العام لدين الحق مما جاء في كتب الآثار لدى أية طائفة من طوائف المسلمين وكان له سند، ومن البديهي أن ما يمكن اندراجه لابد له من أصل حقيقي في كتاب الله العزيز وأنه يجب أن يفقه وفق أسس دين الحق.
إن سنة النبي الملزمة ليست هي ما نسب  إلي الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتب المرويات وإنما هي مناهجه وأنماطه السلوكية وطرقه لمعالجة الأمور التزاما بالأوامر الدينية الشرعية الواردة في القرآن الكريم، فلا يمكن أن تتعارض سنة حقيقية ظهرت به مع أصلها الموجود في هذا الكتاب الذي حفظه الله للناس.
أما مصطلح أهل ما يسمي بـ(السنة) فهو يتعارض مع ما ورد في القرآن من معاني هذا المصطلح ويلزم الناس بما يؤدي إلي اختزال وتحريف الدين والقضاء على مقاصده كما حدث بالفعل وأوصل الأمة إلى حالتها المعلومة.
و(الفقه) كما ورد في القرآن هو ملكة قلبية إنسانية مجالها هو الآيات الكتابية وكذلك الآيات والسنن الكونية والتي هي الآن مجال العلوم الطبيعية والإنسانية، وتطلق نفس الكلمة على النشاط القلبي المترتب علي استعمال الملكة، فلا يجوز استخدام هذا المصطلح للدلالة على الأحكام الشرعية العملية وأدلتها التفصيلية، ولقد أدي هذا إلي إهمال أركان ومقاصد دينية وتضخيم شأن أمور جزئية وثانوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق