الاثنين، 3 ديسمبر 2012

(2) قصة المسيح عليه السلام


(2) قصة المسيح عليه السلام

وكانت رسالة المسيح عليه السلام  خاصة ببني إسرائيل الذين لم يؤمن منهم إلا عدد محدود، ولقد ظل هؤلاء يعتبرون طائفة من طوائف اليهود، وعندما تآمر بعض بني إسرائيل عليه ليقتلوه نجاه الله من مكرهم، ولقد توفي بطريقة طبيعية مثل من خلوا قبله من الرسل من بعد أن أدى رسالته الأساسية وهي تصديق التوراة وتطهيرها من التحريف ومما ألحق بها وإعلام بني إسرائيل بانتهاء دورهم كأمة حاملة للرسالة وأن الأمر قد انتقل إلى أمة أخرى وأنه قد اقترب ظهور الإسلام يأتي به أحمد من الإسماعيليين، ولذلك أيضاً لم يكن مقدراً له أن يعقب كما كان يحيى u حصورا، وكل ذلك كان من مقتضى إنهاء سلالة النبوة من بني إسرائيل.
ولم يستمر في تمسكه برسالة المسيح عليه السلام إلا طائفة قليلة كانت تتداول الإنجيل الصحيح وتعمل به، وتلك هي الطائفة المسماة بالعيسويين، وهي لم تعلن أبدا خروجها عن شريعة موسى عليه السلام، وكان معظم إقامتهم في الكهوف والأماكن الموحشة، وبانقراضهم كجماعة انقرضت رسالة المسيح عليه السلام واختفى الإنجيل الأصلي إلا ما أخفوه منه في أماكن اختبائهم وتنسكهم، ولقد بقي منهم بعض الأفراد المتناثرين في الشام.
ولقد كان ثمة ممن هم من أتباعهم ممن جاءوا بعد أجيال من بعدهم من ظن أنه المسيح في عهد الرومان، وكان له نفس اسم المسيح؛ أي كان اسمه أيضاً عيسى بن مريم، ولقد كان هذا الرجل هو محور كل القصص الذي دون في الأناجيل التي بقيت واعتمدت من بعد، وكان هذا هو الذي صُلِب بعد أن كشف أمره اليهود وأتباع المسيح الحقيقيون، وكان هو في بدايته على الدين الذي أتى به المسيح الأصلي، وكان يظن أنه بالفعل تجسيد جديد للمسيح أو كما يقولون إن روح المسيح قد حلت فيه، وكان يتكلم من هذا المنطلق، ولقد صدرت عنه بالفعل بعض الأمور غير المألوفة كتلك التي تصدر من الزهاد واليوجيين والرهبان والمتصوفة على مدى العصور، ولقد بالغ الناس كعادتهم فيما يتعلق بمثل هذه الأمور وغلوا فيها وضخموها، ولقد زاد ذلك من افتتان الناس به وثقتهم بمزاعمه، ولكن عندما جد الجد تخلى الجميع عنه وتركوه ليواجه مصيره مثلما سيحدث من بعد مع الكثيرين من أمثاله، فهو الذي تلقى الإهانات والضرب والتعذيب وحمل الصليب في طريق الآلام، وهو الذي صُلِب وصرخ على الصليب: "إيلي إيلي لم شبقتني؟"، ولم تثر قصته في وقتها اهتمام أحد خارج بيئته المحلية ولم يسمع بها أو لم يهتم بها أي مؤرخ من المؤرخين المعاصرين للأحداث، فمثل تلك الأحداث لم تكن غريبة على عالم الشرق الأوسط، كما أن ما أظهره من أمور غير معهودة كانت محدودة، ولم تستغرق قصته وقتاً طويلا، والمشكلة أن قصته قد تعرضت لمبالغات شديدة على عادة الشعوب حتى ابتلعت قصة المسيح الأصلي وغطت تماماً عليها. 

(1) قصة المسيح عليه السلام


(1) قصة المسيح عليه السلام
إن قصة المسيح عليه السلام قد حدثت كلها قبل قدوم الرومان بزمن طويل (في نهاية سيطرة الفرس وبداية سيطرة المقدونيين السلوقيين على الشام)، ولقد وُلِد المسيح عليه السلام للسيدة مريم الهارونية (من سلالة لاوي أو ليفي التي منها موسى وهارون عليهما السلام وكانت هي من سلالة هارون) والتي يعني اسمها (أمة الرب)، ولقد كانت منذورة لله عزَّ وجلَّ فلم يكن لأحد أن يتقدم لخطبتها، ولقد تكلم في المهد واستمر من حينها يتكلم إلى أن بلغ مرحلة الكهولة أي حوالي 34 سنة، وخوفاً عليه من بني إسرائيل هاجرت به أمه إلى مصر بصحبة أحد أقاربها المتقدمين في السن ولم يكن خطيباً ولا زوجاً لها بل كان حامياً وراعيا لها، ولا أصل لما يسمى بمسار العائلة المقدسة، وعاشت الأسرة في مصر لمدة طويلة إلى أن بلغ المسيح عليه السلام العشرينات من عمره، ثم عادت الأسرة إلي فلسطين وأُنزل عليه الإنجيل دفعة واحدة، وكان يتكون من جزئين أساسيين؛ أحدهما للتعليم والآخر للهدي، وكان في مجموعه يعادل خمسين صفحة من صفحات القرآن، ومن أراد الإنجيل الصحيح فعليه بالقرآن وخاصة سورة لقمان، وكذلك عليه بما يسمونه بالأحاديث القدسية، وليس صحيحاً أن الإنجيل الحقيقي المنزل لم يكن يتضمن أحكاماً أو تشريعات، ولكن الإنجيل كان يقصد أساساً إلى إعطاء دفعة روحانية للرسالة والشريعة الموسوية وإعلام بني إسرائيل بانتهاء دورهم في التاريخ بعد فشلهم في حمل الرسالة والرقي إلى مستواها وإعلامهم باستخلاف غيرهم والتبشير بالرسالة الخاتمة، وليس ثمة من جدوى في البحث عن أصل الأناجيل المعروفة بما فيها إنجيل برنابا؛ ذلك لأنها كلها منحولة، وهي ليست إلا تجميعاً لتراث شعبي متعلق بسيرة المسيح عليه السلام ظل يتداول شفاهياً ولم يدون إلا بعد حدوث القصة الأصلية بعدة قرون وبعد أن اختلط بقصة من ظن وظنوا معه أنه المسيح الذي قام.