وَمَن جَاهَدَ
فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ {6}
إن من له الوجود
المطلق والكينونة المطلقة والأسماء الحسنى هو الغني المطلق عمن هم مجرد إعادة
صياغة للعدم المطلق؛ من هم مجرد صور على صفحة العدم لو شاء لأهلكهم جميعا؛ من لا
يملكون من حيث أنفسهم إلا نقصهم ومقتضياته، لذلك فكل جهاد يبذله الإنسان إنما تعود
ثمرته عليه.
-------
إن الجهاد
مطلقاً هو ركن من أركان الدين، والفائدة من القيام بأي ركن إنما تعود على الإنسان نفسه،
فلن يبلغ مخلوق أبداً القدرة على أن ينفع ربه الذي هو الغنيّ المطلق، لذلك فعلى
الإنسان ألا يُدِلّ على ربه وألا يمنّ عليه بطاعته، بل إن قيام الإنسان بركن ديني
يستوجب من الإنسان مزيداً من الشكر لربه الذي يمكنه أن يحول بين المرء وقلبه، وهو
لا يقبل الطاعة إلا ممن تواضع بها لعظمته ولم يتطاول بها على أحد ولم يرائي الناس
بها، فويل لمن لا يؤدون شعائر الدين إلا ليستمدوا منها الدافع والمبرر للتطاول على
الآخرين، فوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَسبَتْ أَيْدِيهِمْ، وويل لهم مما يقترفون.
=======